كل ما يجب أن تعرفه عن الاقتصاد التركي
21-02-2020 | اقتصاد
الرئيسية/الأخبار/كل ما يجب أن تعرفه عن الاقتصاد التركي
مدى مرونة السوق الاستثماري التركي وعوامل القوة لديه
سارت الجمهورية التركية خلال
العقدين الأخيرين بخطواتٍ ثابتةٍ لتُحقق نمواً اقتصادياً شهد له الجميع، وجاء ذلك
بعد أوضاع اقتصادية متردية كانت تشهدها البلاد منذ حقبة السبعينيات على أثر أوضاع
سياسية متقلبة، فلا يغيب عن الأذهان حجم الأزمة الاقتصادية التي كانت تعانيها
الدولة التركية حتى عام 2001، فنسبة التضخم المرتفعة التي وصلت إلى 70%، وفقدان
الليرة التركية أكثر من 100% من قيمتها، واغلاق أكثر من نصف البنوك واعلان
افلاسها، كلها أحداث كانت حاصلة في دولة تُصنف حالياً ضمن الاقتصادات العشرين
الأولى على العالم.
كان فوز حزب الحرية والعدالة في
الانتخابات التركية عام 2002م، وتوليه الحكم في البلاد نقطة فاصلة في تاريخ الجمهورية
التركية الحديثة، فقد كانت الارادة الحقيقية للاستغلال الأمثل لموارد دولة تمتلك
مقومات النهوض، وعلى هذا الأثر تخلصت تركيا بخطواتٍ هادئة من ديونها الخارجية
وأتمت دفع ديونها المقترضة من البنك الدولي، وقللت من نسبة التضخم واستعادت الليرة
التركية قيمتها.
كما لم تتأثر تركيا بشكل كبير في
الأزمة المالية العالمية عام 2007-2008، حيث حافظت على توازن ارتفاع مؤشرات النمو
لديها وسجلت في ذلك الوقت نمو 0.7%، إلى أن جاء عام 2019 المنصرم ليشهد تراجعاً
كبيراً في سعر صرف الليرة التركية على أثر الأحداث السياسية المحيطة بتركيا، مما أدى
إلى تخوف الكثير من المستثمرين، ونفور عدد من المقبلين على الاستقرار في تركيا.
كما عملت الكثير من وسائل الاعلام
على التشكيك في قدرة تركيا تجاوز هذه الأزمة، وطعن الكثير في مدى صلاحية الأراضِ
التركية للاستثمار الآمن (نتيجة الخلافات السياسية)، إلا أن الكثير من البراهين
والأدلة أثبتت عكس ذلك تماماً.
كما أن الحقيقة التي تربط السياسة
بالاقتصاد هي حقيقة لا جدال فيها، فلا يغيب عنا الاختلاف الروسي التركي المحتدم في
الشأن السوري، وفي ذات الوقت لم يستطيع الدب الروسي التخلي عن اتفاقية مد خط السيل
(الغاز الروسي لأوروبا) عبر الأراض التركية، ولا يغيب عنا استثناء القرار الأمريكي
تركيا من مقاطعة النفط الايراني، لتُشكل في ذلك تركيا نقطة ارتكاز اقتصادية لا
يمكن التخلي عنها من قبل قطبي العالم الغربي والشرقي.
فقد لا يعي في أبجديات الاقتصاد
شيئاً من يُفكر في لحظة أن تركيا ترتكز على اقتصاد ضعيف أو أن أي أزمة اقتصادية من
الممكن أن تؤثر بشكل كبير على اقتصادها، إذ يُجمع غالبية المتخصصين الاقتصاديين
على أن تركيا تمتلك مقومات تجعلها قادرة على تجاوز أي أزمة اقتصادية، وتعتمد هذه
المقومات على ركائز عدة أهمها.
-
الموقع والطبيعة الجغرافية لتركيا.
تمتلك تركيا موقعاً جغرافياً يتوسط
قارات العالم القديم (أوروبا، أفريقيا، آسيا) أو تلك التي تمتلك ثقلاً كبيراً على
المستوى الديموغرافي والسياسي
والاقتصادي العالمي، اذ تعد حلقة الوصل بين دول شرق آسيا وأوروبا وكذلك بين روسيا
ودول شرق أوروبا من جهة ومنطقة الشرق الأوسط من جهة أخرى.
كما أن طبيعة تركيا الجغرافية المطلة على خمس بحار مهمة،
إضافة إلى الممرات المائية التي تمتلكها مثل مضيق البسفور؛ يُعطي مكانة استراتيجية
قوية لتركيا كممر لعبور السفن التجارية وحركة الملاحة البحرية الدولية.
-
سوق يعتمد على الاكتفاء الذاتي.
تُعد تركيا من الدول التي تعتمد
على الاكتفاء الذاتي في انتاج المواد الأساسية كالغذاء والدواء والملابس والمواد
الخام الأولية، وتعتمد في ذلك على الثروة البشرية التي تمتلكها، والتي تصل إلى 90
مليون نسمة (التعداد العام لعدد سكان تركيا).
ويساهم ذلك في دعم السوق التركي
المحلي في عدم تأثره في تقلبات سعر صرف الليرة التركية، مما لا يؤثر على من يعيش
في تركيا ويستقر فيها.
-
بلد سياحي بالدرجة الأولى.
تعد تركيا من الدول الأكثر تعداداً
في عدد السياح الزائرين سنوياً، وتمتلك تركيا ارث ثقافي وحضاري تجعلها من الوجهات
السياحية المرغوبة، اضافة إلى طبيعتها الخلابة والساحرة.
وتُساهم السياحة في ادخال العملات
الأجنبية والعملات الصعبة إلى البلاد، كما تعمل على زيادة صرف تلك العملات بالعملة
المحلية مما يزيد من ثبات العملة التركية والحفاظ على قيمتها.
-
اجراءات الحكومة التركية.
تعمل الحكومة التركية على خلق بيئة
استثمارية آمنة في تركيا، ومواجهة أي أزمة اقتصادية من الممكن أن تؤثر على الوضع
الاقتصادي للبلاد، حيث قامت الحكومة التركية باجراءات حافظت على استقرار سعر صرف
الليرة التركية مثل تخفيض نسبة الفائدة، ودعم الليرة التركية بزيادة احتياطي الذهب
للبنك المركزي التركي.
كما أقرت الحكومة التركية قوانين
ساهمت في زيادة الاقبال على الاستثمار في السوق التركي من قبل الأجانب، مثل قانون
منح الجنسية التركية للمستثمرين الأجانب بقيمة 250 ألف دولار أمريكي.
كما عملت الحكومة التركية على
انجاز مشاريع بنى تحتية ضخمة؛ لتهيئة البيئة المناسبة للاستثمار، مثل تطوير وبناء
خطوط السكك الحديدية والمترو، مثل خط مترو مرمراي الذي يمر أسفل البسفور ويربط
آسيا بأوروبا، والذي كان أحد أهم انجازاته هو نقله الكثير من البضائع التجارية
القادمة من الصين إلى أوروبا الشرقية.
ومشروع مطار اسطنبول الجديد الذي
سيكون المطار الأكبر في العالم، والذي أحدث نقلة نوعية في مجال الملاحة الجوية
الدولية، مثل تجاوز مشكلة ازدحام المطارات، حيث يعمل المطار كحلقة وصل بين غرب
الكرة الأرضية وشرقها عبر خطوط الطيران الدولية.
كما تعمل الحكومة التركية على
انجاز المشروع الأضخم في تركيا وهو بناء قناة اسطنبول الثانية على غرار قناة
البسفور، التي تربط البحر الأسود والدول المطلة عليه مثل أوروبا الشرقية وروسيا
وبحر مرمرة المتصل في بحر ايجه، والذي يصل إلى حوض البحر الأبيض المتوسط، مما
سيعزز ويزيد من الطاقة الاستيعابية للسفن التجارية التي تمر عبر تركيا لتصل إلى
جميع أنحاء العالم.
لذلك يُثبت السوق الاستثماري التركي مرونته في تجاوز أي أزمة اقتصادية، وذلك بسبب ارتكازه على مقومات قوية تعمل على دعمه بشكل كبير على الدوام.
خاص الدرة العقارية
المصادر (الجزيرة نت، تركيا برس، الأناضول)
اقتصاد